طباعة

المصريون والشعوذة

Posted in المجتمع


ويعتقد المشعوذون المصريون أن العمل بأنواع البخور يكون طبقًا لملك الجن الذي يحكم في هذا اليوم؛ ففي يوم السبت ميمون بن نوح، ويطلب اللبان الدكر وكسبرة وميعة سائلة وبخور السودان، بينما يطلب الملك مُرة يوم الأحد المستكة والجاوة، ويوم الاثنين يطلب الملك المذهب المستكة والعنبر . ويوم الثلاثاء يطلب الملك يعقوب ملك الروم، المقل الأحمر والجاوة والصندل الاحمر، ويوم الأربعاء يطلب الملك البرقان ميعة سائلة والمقل الأزرق، ويطلب شمهورش يوم الخميس ميعة جافة ومعها حبة السويدان، بينما يطلب ميمون الأبيض يوم الجمعة المسك الأبيض .

وهناك مرجع أساس يستعين به السحرة وهو كتاب شمس المعارف , وله شهرة واسعة في هذا الشأن .

وكان هناك اختلاط في الحضارة المصرية القديمة بين الطب والدين والكهانة والسحر , وكان كل هؤلاء يلقون في روع العامة أنهم وحدهم القادرون على حمايتهم من القوى الخفية التي تهددهم , وأن لديهم مفاتيح سعادتهم في الدنيا وفي العالم الآخر , وهكذا تحكم الكهنة ورجال الدين في الرعية , ولم يكن هذا التحكم لهم كأشخاص , وإنما للمؤسسة الدينية والمؤسسة العلاجية , تلك المؤسستان اللتان تنقلان خضوع الرعية في النهاية للفرعون , ولكي يكون الخضوع نهائيا وحاسما أعلن رجال الدين والكهنة (وهم أنفسهم الأطباء) بأن الفرعون إله , وهكذا ارتبط الدين بالطب بالشعوذة بالسياسة في مصر القديمة , وخضع كل هذا للفرعون الإله . وكانت أركان المعادلة تتغير بعض الشئ من حقبة لأخرى ومن أسرة لأسرة , ولكن يبقى الفرعون حامي حمى الرعية والوطن في نظر الجميع بإيعاز من الكهنة والسحرة , ولذلك حين آمن سحرة فرعون بموسى شعر فرعون بخطر شديد إذ كان يعني هذا سقوط المنظومة الفرعونية التي يغذيها السحرة ويمنحونها الشرعية .

الشخصية القابلة للشعوذة والخرافة :

هناك بعض الشخصيات لديها قابلية أكثر لقبول التفسيرات غير المنطقية وللتأثر بالإيحاءات غير العقلانية التي يمارسها بعض المشعوذين , وهذا يسمى النمط الخرافي من الشخصية  Superstitious type of personality  , وهذا النمط يوجد في المتعلمين والجهلة على حد سواء , ولكنه يكثر في النساء والأطفال وكبار السن والمرضى النفسيين , والمجتمعات البدائية بشكل عام . وصاحب هذه الشخصية يتميز بالقابلية للإستهواء , والإعتقاد في التفاؤل والتشاؤم , وتصديق روايات الأشياء الخارقة للعادة , ولا يشعر بالرضا بل يميل إلى الحزن والتوتر الإنفعالي والقلق , ويعاني من صراعات يبحث لها عن مخرج واقعي أو حتى خيالي , وهو سريع التصديق للروايات والإشاعات , وسريع القبول لتوجيهات وإيحاءات أهله أو أصدقائه , ومن السهل أن يسيطر عليه دجال أو مشعوذ .

وهذه الشخصية ليست قاصرة على البسطاء من الناس , وإنما قد توجد لدى بعض العظماء والمبدعين , فعلى الرغم من أن فرويد هو مؤسس مدرسة التحليل النفسي والتي تفسر كل شئ بعقلانية شديدة ومنطقية محكمة , إلا أنه عرف عنه تأثره ببعض الأفكار الخرافية التي كانت تسوقها له زوجته , ولم يكتفي بذلك بل إنه ضمن نظريته النفسية الجنسية رموزا ونصوصا من الأساطير القديمة , مثل عقدة أوديب وعقدة إلكترا وغيرها , وكانت بعض استنتاجاته عبارة عن قفزات فوق المنطق المعتاد . ويبدو أن فرويد لم ينكر في كتابه "سيكوباثولوجية الحياة اليومية " التفكير الخرافي , ولا نذر النحس , ولا أحلام التنبؤات , أو خبرات التخاطر , أو الإتصال بالأرواح أو الجان , بينما كان ماكدوجال يؤمن بها وينسب خبراته لشخصيات تحت شعورية لها قوى نفسية خاصة . ويذكر الدكتور عبدالمنعم الحفني في الموسوعة النفسية (إصدار مكتبة مدبولي 2003 , القاهرة) أن يوسف إدريس وتوفيق الحكيم كانا من هذا النمط من الشخصيات . وربما نفهم ذلك بأن المبدع يحاول أن يتجاوز حدود الواقع المحسوس بحثا عن واقع أفضل , وقد تدفعه رغبته العارمة لارتياد المجهول إلى قبول تفسيرات غير منطقية بحثا عما هو ليس كذلك , وهو في رحلة بحثه عن ذاته وذوات الآخرين ربما يرتاد مسارات غامضة أو طرقا وعرة وتكون لديه المرونة لتصديق ما يراه حتى وإن كان مخالفا لما يعتقده أو يراه بقية البشر . وعموما فقد تحير كثير من الباحثين والمحللين لشسخصيات الكثير من مشاهير التاريخ حين اكتشفوا ولعهم بقراءة الطالع والكف ومعرفة أسرار النجوم ومحاولة الإستفادة من قدرات السحرة .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed