الجمعة, 11 أيار 2012 19:52

الحرب بين الأزواج والزوجات

كتبه  د. لطفي الشربيني
قييم هذا الموضوع
(1 تصويت)

fighting-couplesيقول الطب النفسي أن الناس يتزوجون لأسباب متعددة .. عاطفية واجتماعية .. واقتصادية .. وربما سياسية أيضا .. والكثير من الناس يقولون: إن الزواج استقرار ونهاية لمتاعب وفوضي حياة الشباب وقد يكون ذلك صحيحا .. لكن هناك من الدلائل ما يؤكد أن الزواج قد يكون البداية لمتاعب ومشكلات مختلفة .. وهنا نقدم من خلال حالات العيادة النفسية صورة للعلاقات الزوجية في محاولة لإلقاء الضوء علي ما يقوم به الأزواج والزوجات.

 

وهذا الموضوع خاص بالمتزوجين فقط ونطلب من غير المتزوجين أن لا يقوموا بقراءة هذا الموضوع حتى لا يؤثر علي فكرهم وتوقعاتهم بالنسبة لمسألة الزواج.

ماذا يحدث في بداية الزواج ؟!

مهما كانت درجة التعارف بين الزوجين في فترة الخطوبة التي تسبق الزواج فإن الأيام الأولي للانتقال إلي حياة الزوجية ووجودهما معا لها طابع خاص، وسواء كان الزواج من النوع التقليدي دون فترة كافية من التعارف أو سبقه قصة حب عاطفية فإن وجود الزوجين وجها لوجه في مكان مغلق والتعامل بينهما في تفاصيل الحياة علي مدى ساعات اليوم وتوالي الأيام بما فيها من مواقف مختلفة .. كل هذا من شأنه أن يجعل طباع وسلوكيات كل منهما مكشوفة أمام الآخر، وبالتالي تبدو الصفات الخافية في شخصية كل من الزوج والزوجة والتي ربما حرص كل منهما ألا تظهر قبل الزواج أو لم تكن هناك مناسبة لظهورها، ومن الملاحظ بصفة عامة أن الفترة الأولي للزواج تشهد بعض الشد والجذب من جانب كل من الزوج والزوجة بهدف السيطرة علي الطرف الآخر وفرض أسلوب معين، وهنا قد تبدأ الخلافات حتى في فترة الزواج الأولي التي يطلق عليها " شهر العسل ".


ولعل الأسباب الرئيسية للمشكلات في فترة الزواج الأولي تعود إلي التوقعات التي يحملها الشباب والفتيات والصورة التي يرسمها كل منهم في ذهنه لما ستكون عليه الحياة الزوجية، وقد تكون هذه التوقعات والفكرة المسبقة عن الحياة الزوجية غير واقعية أو تتسم بالمبالغة والخيال، وهنا تكون الصدمة حين تحدث المواجهة مع المسئوليات والأعباء بدلاً من الأحلام الوردية، وهذا دليل علي أهمية البرامج التي يتم إعدادها للمقبلين علي الزواج في بعض البلدان، وأهمية الإعداد النفسي والصحي لكلا الزوجين قبل الزواج وتأثير ذلك إيجابيا علي التوافق فيما بينهما بعد الزواج

حيل الزوجات والأزواج .. في العيادة النفسية !!

حين لا تكون الطرق المباشرة ملائمة للتعامل والحصول علي ما تطلبه الزوجة من زوجها أو ما يريده الزوج من زوجته، أو حين يحاول أحد الزوجين تغيير أسلوب الطرف الآخر أو كسب عطفه أو مساندته أو تأييده في موقف ما فإن الحيلة التي يستخدم فيها الدهاء والتمثيل أو الكذب تصبح الأسلوب الذي يتم اللجوء إليه كي يحصل آي من الزوجين علي ما يريد، وقد تبدأ الزوجة في استخدام سلاح الأنوثة الطبيعي، أو تحاول السيطرة والتحكم في مشاعر الزوج عن طريق إظهار الود له والمبالغة في تدليله، أو تلجأ إلي البكاء والخصام من حين لآخر للضغط علي الزوج حتى يشعر بالذنب، أما الزوج فإنه يحاول أيضا التحكم في مشاعر زوجته حسب المفاتيح التي تؤثر فيها من واقع معرفته لها.

وقد يصل الأمر إلي العيادة النفسية حين تفشل الحيل المعتادة فيكون الحل هنا هو ادعاء المرض الجسدي والنفسي، وتبدأ الشكوى من مشكلات صحية متعددة مثل الصداع وآلام الظهر واضطراب المعدة والقولون، والإجهاد، وغير ذلك من الأعراض المرضية التي عادة ما تشكو منها الزوجات مما يدفع الزوج إلى التعاطف، وهنا يتم اللجوء للطبيب، وفي نفس الوقت تحصل الزوجة علي ما تريد حين تقنع زوجها بأنه تسبب في مرضها، ومن الاضطرابات الشائعة في السيدات ممن يترددن علي العيادات النفسية بانتظام حالات الهستيريا التي تتميز بأعراض تشبه المرض العضوي وأسبابها نفسية، وحالات الأمراض النفسية الجسدية Psychosomatic disorders  وهي أمراض عضوية تعود في الأصل إلي الانفعالات المكبوتة التي لا يتم التعبير عنها.


لماذا يستمر الزواج الفاشل ؟!

في العلاقات الزوجية قد تكون القاعدة هي الصراع المستمر بين الزوج والزوجة، وقد يصل الأمر إلي حالة من التوتر الدائم تشبه حافة الحرب التي سادت العالم أثناء الحرب الباردة، وقد يتطور الأمر إلي العنف اللفظي بتبادل السب والشتائم، أو العنف البدني باستخدام الضرب للقمع أو التأديب، وكثيرا ما نرى بعض الأزواج والزوجات في هذه الحالة الشديدة من التوتر وعدم الوفاق، ورغم ذلك تستمر الحياة الزوجية، وهنا قد يتساءل من يلاحظ ذلك عن السبب في الاستمرار لهذه الحالات غير الناجحة من الزواج !!

وقد تكون أسباب الزواج غير المتوافق اقتصادية أو مادية حيث يكون المال هو الدافع لعدم تخلي آي من الزوجين عن الآخر والمخاطرة بتحمل المتاعب المادية نتيجة ذلك، أو يكون السبب اجتماعيا حيث أن المرأة مثلا قد تقبل الحياة في جحيم الزواج بدلاً من مواجهة المجتمع وهي مطلقة، كما يحرص الرجل علي الشكل الاجتماعي له كشخص متزوج ورب أسرة يحظى بالاحترام الاجتماعي، ومن الناحية النفسية فإن الكثير من الأزواج والزوجات يفضلون الصبر علي أمل أو توقع أن يحدث مع الوقت تغيير في الوضع السيئ للحياة الزوجية، وتتفاوت قوة احتمال الأزواج والزوجات في ظل الصبر انتظاراً لأمل قد يأتي أو لا يحدث، كما أننا في ممارسة الطب النفسي نلاحظ أن بعض الحالات الزواج تستمر بحكم العادة فقط، وهنا يتم التعود علي أسلوب التعامل غير السوي من جانب كلا الزوجين مع إدراك كل منهما لمساوئ الآخر، ويكون هذا الوضع أفضل من وجهة نظر كل منهما من الانفصال ومواجهة نمط آخر غير معلوم من الحياة، وقد تكون هناك احتياجات غير مرئية في بعض النواحي النفسية والعاطفية فيما بين الزوج والزوجة لا يراها الآخرون تساعد علي استمرار الزواج رغم الخلافات الحادة التي تبدو علي السطح!!


نحو علاقات زوجية سليمة :

رغم أن الأصل في الزواج أنه رباط دائم وبداية لتكوين الأسرة وهي وحدة بناء المجتمع فإن الأبحاث تؤكد نتائج أن الحياة في ظل خلافات وصراعات زوجية له تأثير سلبي علي طرفي الزواج وعلي الأبناء أيضاً، ويؤدى مع الوقت إلي ظهور الاضطرابات النفسية والمشكلات السلوكية، وتؤكد نتائج بعض الأبحاث أن الانفصال بالطلاق وتواجد الأبناء مع أحد الأبوين أفضل بكثير من وجودهما مع الأب والأم معا في جو من التوتر الدائم، ومن هنا كانت أهمية حل المشكلات بين الأزواج والزوجات قبل أن تتفاقم وتؤدى إلي نتائج وخيمة،والنصيحة الدائمة هنا هي حل الخلافات الزوجية أولاً بأول لأن ذلك أفضل من تركها تتعقد مع الوقت،وعدم السماح لأطراف خارجية بالتدخل حتى لا يكون هناك مجال للمبالغة في الأمور البسيطة .

ومن وجهة نظر الطب النفسي فإن الوقاية من المشكلات الزوجية المتوقعة يكون بأعداد المقبلين للزواج وتأهيلهم نفسياً لأعباء الحياة الجديدة بعيداً عن التوقعات الخيالية، فلا داعي للنظر للزواج علي أنه الإنقاذ من الصعوبات والتعويض عن الحرمان في مراحل الحياة السابقة، بل يجب الاهتمام بمهارات التعامل مع الطرف الآخر واحترام مشاعره واحتياجاته، أما العلاج الزواجي Marital therapy  وفيه يتم التعرف علي جذور المشكلة من الزوجين معاً ووضع الأسس لحلها ولضمان العلاقة السليمة فيما بينهما في المستقبل، وهناك مراكز تقوم بتقديم خدمة أخرى هي الاستشارات الزوجية Marital Counseling  حل المشكلات التي تسبب الخلاف بين الأزواج والزوجات .. ليكن تقديرنا للمواقف فيما يخص الأمور المشتركة واقعياً وموضوعياً، ولنحاول دون انفعال أن نعرف وجهة نظر الطرف الآخر ونستمع إليه ونتحاور معه .. إن معظم الخلافات التي تتفاقم وتسبب لنا الكثير من الإزعاج إذا حاولنا البحث عن أسبابها سنجد أنه لا أساس لها، أو أنها بسبب تافه للغاية لا يستحق هذا السبب كل ما يحدث .. أليس كذلك ؟!

 

المصدر : www.hayatnafs.com

إقرأ 10253 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 25 أيلول/سبتمبر 2012 08:32
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed