طباعة

كن عبدي وإلا قتلتك

Posted in المجتمع

إن من حق أي مخلوق بشري أن يدافع عن كيانه، وأمله، ونبضه، وإبداعه، ونوعه، بأن يمارس كراهية هذه الأمريكا بكل ما يجده مناسبا من أدوات، ومشاريع، وتحالفات، وبدائل، من أول تعطيل مصالحها، حتى رمز إبادة ما تمثله، مرورا بمقاطعتها، واحتقارا لما تعرضه علينا لنستهلكه مما لا نحتاجه.

حق الكراهية

مع أن الكراهية هي حق من حقوق الإنسان المشروعة، رغم دماثه المثاليين، ومع أن هذا الحق هو عرض يمارس إذا ما احتاجه صاحبه، فإنني كثيرا ما أتصور أن حقنا في كراهية هذه الأمريكا هو واجب كما أنه حق. أتساءل كيف يمكن ألا يكره إنسان طيب قوي متحضر هذه الأمريكا بما تفعل، وما تمثل، ومن تظلم، ومن تقتل.

من أولى بممارسة حق الكره؟

السؤال الأجدر بالطرح ــ إذن ــ يمكن أن يكون «لماذا لا نكرههم؟» وليس «لماذا نكرههم؟»

السؤال الآخر، وربما الأسبق الذي يحتاج بحثا أعمق يقول: «لماذا يكرهوننا هم؟». هذا إن كانوا يكرهوننا فعلا، ولا يكتفون باحتقارنا ومحاولة نفينا وإبادتنا.

أريد أن أنبه ابتداء أنني أتحفظ على المثل القائل «اللي يحب ما يكرهشي» اللهم إلا إذا كان يعني أن المحب يمكن أن يتغاضى عن بعض ما يكره في محبوبه. ذلك لأن الأصل العلمي لهذه المسألة يقول بعكس المثل تماما. إن القدرة على الكراهية تعني من ناحية رفض التبلد، كما أنها تعني ضمنا القدرة على الحب. إن الذي يستطيع أن يكره، هو الذي يمكن أن نحترم حبه وهو يتجاوز كراهيته ليحتويها في حب أرقى. إن كثيراً من المقولات والمزاعم المطروحة على«الساحة هذه الأيام تحت ما يسمى «ثقافة السلام» أو «قبول الآخر» أو حتى «حوار الأديان»، أو «حب الكل»، هي مقولات مثالية نظرية قد تكون طفلية إذا أحسنا الظن، وقد تكون مناورات ليس وراءها إلا خداع الأضعف. وخاصة إذا أكد عليها الأقوى، دون مسئولية حقيقية، ودون أن يختبر، ودون معاملة المثل..

بعد التسليم بأن الكراهية حق من حقوق الإنسان، وهي من الحقوق السرية حتى الآن، لنا أن نتساءل: من الأولي بممارسة هذا الحق في مساحة مشروعة باعتباره بداية اتخاذ موقف مناسب حفاظا على ذاته، ومن ثم على نوعه؟ الأضعف أم الأقوى؟

الأقوى يحتقر لا يكره

إن القوي لا يكلف خاطره أن يكره، فهو قادر على الظلم، وعلى القهر، وعلى القتل، وعلى النفي، وعلى السحق، وعلى الترك، وعلى الإنكار، وعلى الاستغلال، وعلى الاحتقار. يفعل كل ذلك دون تردد سواء أعلنه وقام بتفعيله بالسلاح، والاحتلال، والسيطرة، والغطرسة، والظلم الرسمي، أو قام بتسريبه من خلال الإعلام الأخبث، أو عبر اتفاقات الإذعان، والمعونات المشروطة،والفوقية المحتقرة. إن مثل هذا القوي الغبي لا يكلف خاطره أن يكره أصلاً. أما الضعيف الذي لا يملك ما يرد به وجها لوجه. وبالقدر المناسب لما يفعله فيه القوي المتغطرس، فهو يمارس الكراهية باعتبار أنها هي ما يقدر عليه، أو لعلها بداية تحفزه إلى أن يقدر على شيء أكبر.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed