طباعة

أبو القاسم الزهراوي

Posted in الثقافة

لقد ابتدعَ الزَّهراوي كثيراً من الأدوات الجراحيَّة التي صَمَّمها بنفسه، وبيَّن لكلٍّ منها طريقة استعمالها ومكانه. ونصح بكيِّ السَّرطان، في بدء تَشكُّله، بمكواةٍ حلقيَّة. كما تكلَّم عن كيِّ النَّزف النَّاجِم عن قطع الشِّريان بربطه أو الضغط عليه. ونظراً لعدم وجود كهرباء في ذلك الوقت، كان يستخدم السخَّان، فيَعمَد إلى تَحمية أو تسخين قطعةٍ معدنية ويضعها على المنطقة المصابَة فتُؤدِّي إلى تَجمُّد الأنسجة وتوقُّف النَّزف. وهو بذلك يكون قد سبقَ الجرَّاحَ الفرنسي الشَّهير أمبرويز باريه Ambrois Pare ـ من أطبَّاء القرن السَّادس عشر وطبيب ملوك فرنسا آنذاك ـ الذي تُعزى إليه الأسبقيَّة في عملية ربط الشَّرايين بخمسة قرون.

وهو أوَّلُ من أجرى طريقةَ استئصال الحصى المثانية لدى النِّساء عن طَريق المهبل، وأوَّل من استعملَ آلاتٍ خاصَّة لتوسيع عنق الرَّحِم، وأوَّل من ابتكرَ آلةً خاصَّة للفحص النسائي لا تزال إلى يومنا هذا. كما تَكلَّم عن جراحة دوالي الخصية التي تُعرَف باسم دوالي الحبل المنوي في لغة اليوم، وعن جراحة الفُتوق. وقد وصفَ علاج الجروح النَّاجمة عن قطع سيفٍ أو سِكِّين أو طعنة رمح. وتَحدَّث عن جراحات الرأس وما يرافقها من كُسور في العظم وتَهتُّك في الأعصاب، وعن جراحات العنق والصَّدر والبطن والأمعاء وخياطتها. وتكلَّم أيضاً عن قطع الأطراف، ونشر العظام، وبتر الأعضاء، وقطع الدَّوالي وعِلاجها.

كما يُعدُّ الزَّهراوي أوَّلَ جرَّاحٍ استخدمَ الخيوطَ التي كان يستلُّها من أمعاء الحيوانات في خياطة الأمعاء، وأوَّل من استخدمَ جسور الأسنان الذهبيَّة والفضية وأدوات ضغط الأسنان، ونجحَ في معالجة تشوُّهات الفكَّين وفي تَقويم الأسنان باستخدام آلاتٍ جراحيَّة ابتكرها لهذا الهَدَف.

لقد ترجمَ جيرار الكريمونِي Gerard of Cremona كتابَ الزهراوي في القرن الثانِي عشر إلى اللاتينيَّة، كما ذكرنا، وأصبحَ هذا الكتابُ الكتابَ المدرسي المعتمَد في كلِّيات الطبِّ في أوروبا كلِّها حتَّى مطلع القرن السابع عشر. كما نقلَ الجرَّاحُ الفرنسي الشَّهير دي شولياك Guy de Chauliac كَثيراً من آراء الزَّهراوي إلى كتابه المسمَّى "الجراحة الكبرى"، واستشهدَ بآرائه أكثر من مائتي مرَّة، كما طُبِع الكتابُ أوَّلَ مرَّة في إيطاليا عام 1471 م، ثم تبعتها فيما بعد أكثرُ من عشرين طبعةً أخرى في القرن السَّادس عشر في مدن أوروبية مختلفة.

لم يُعرَف من آثار الزهراوي الهامَّة إلاَّ كتاب "التَّصريف لمن عجز عن التَّأليف" الذي يَقع في ثلاثين مقالة، تبحث في أمراض الجسم كاملة، إلاَّ أنَّ أهمَّ مقالةٍ في الكتاب هي المقالة الثَّلاثون المتعلِّقة بالجراحات، وهي التي أكسبته لقبَ أكبر جرَّاحي زمانه، والمقالةُ مزيَّنة بالرُّسوم الموضِّحة لآلات الجراحة التي صمَّمها بنفسه كما ذكرنا. وقد ترجمت عدة مرات إلى اللاتينية. ولكن هناك كتبٌ أخرى للزهراوي، مثل كتاب "نور العَين" في طبِّ العُيون و "تَفسير الأَكيال والأوزان" و "المقالة في عَمَل اليد".

جاء في كتاب "التَّصريف لمن عجز عن التَّأليف" الكثيرَ من الشُّروح والأوصاف الطبِّية التي تدلُّ على سعة علم الزَّهراوي ومَعرفته بالطبِّ؛ ومن ذلك:

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed