في بيان كيفية افتراق الأمة
الصفحة 8 من 13
لقد عرف ابن خلدون الخلافة بأنها حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها وبعبارة أخرى هي خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به لكن لم يبين هذا الفيلسوف المؤرخ شروط من يقوم مقام الأنبياء بعد وفاتهم ومن يستنبط لهم مقاصد الشرع حتى يحققون صلاح آخرتهم ثم ألا يتحول الدين إلى سلطة استبدادية عندما تكون مهمة الخليفة أو الإمام هي حمل الناس كافة على الأحكام الشرعية في أحوال دنياهم وآخرتهم؟ وألا تصادر هذه السلطة التيوقراطية الحقوق والحريات التي أعطاهم الله اياها ونص عيها الشرع نفسه؟ لماذا النساء مثلا لم يكن لهن من أمر الإمامة أو الخلافة شيء وكان الرجال قوامين عليهن؟
فإذا كان التعدد المذهبي وكثرة الملل والنحل ناتجا عن سوء فهم لظاهرة النبوة ومتولد من الاختلاف حول أصول وأحكام الإسلام ومرده النزاع السياسي على الحكم منذ وفاة الرسول إلى الآن،فما السبيل الذي ينبغي أن نتبعه من أجل رأب الصدع وتجاوز الاختلافات؟ هل نعود إلى منطق التوحيد القسري ونسقط في الشمولية من جديد أم نبقي على التعددية ونترك الباب مفتوحا للصراع بين التأويلات؟
II / في سبل رأب الصدع:
"التفكير الفلسفي ليس له حد يقف عنده فكلما تقدمت المعرفة فتحت مسالك للفكر جديدة،أمكن الوصول إلى آراء أخرى غير التي أثبتها في هذه المحاضرات وقد تكون أصح منها وعلى هذا فواجبنا يقتضي أن نرقب في يقظة وعناية تقدم الفكر الإنساني وأن نقف منه موقف النقد والتمحيص"[1]