طباعة

سوء التمثيل الإسلامي في الغرب

Posted in الثقافة

لكن المتمعن في حال المسلمين اليوم في الغرب، يلاحظ أن مثل هذه الجوانب السمحة للإسلام تكاد تنعدم لتحل محلها سلوكيات مذمومة كالسرقة، والتزوير، والعداء لكل ما هو غربي، واستغلال عواطف الأجنبيات من أجل تحقيق الوضعية القانونية، ونحو ذلك من الأخلاق المنحرفة التي لا تمت بصلة إلى الإسلام. لذلك يبدو لنا أن أكبر سبب مسؤول عن تقهقر وضعية الإسلام في عيون الغربيين، وتراجع قيمة المسلمين في المجتمع الغربي، يكمن في ذلك الجانب الذاتي الذي إن غيره الإنسان وتنازل عن كبره وغروره، تغيرت معه الجوانب الواقعية التي تحكم علاقة المسلمين بأنفسهم وبالآخرين، ولا أحد يخفى عنه قول الله تعالى:{لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}؛ آية كريمة تتردد على ألسنة المسلمين ليل نهار، لكن ما أرادوا بعد إدراك مغزاها. إذاً فالخلل الكبير الذي ينيخ بكلكله على المسلمين عامة، يتجلى في تلك النفس التي لا تريد أن تتغير من السئ إلى الحسن أو من الأسوأ إلى الأحسن.
على هذا المضمار،إذاً، يتشكل هذا المقال تارة محاولا التساؤل بجرأة حول تناقضاتنا الرهيبة التي لا يقبلها عقل إنسان عاقل وبالأحرى يقبلها عقل مسلم عاقل، وتارة أخرى مشيرا إلى الأخطار المحدقة بنا وبأجيالنا القادمة ونحن نواجهها بأيد مكتوفة وببرودة دم.

كبرياء الغرب وانخداع المسلمين.

بالرغم من أن العالم الغربي عموماً والمنظومة الأوروبية بخاصة، تعتبر نفسها قد قطعت أشواطاً جد طويلة على درب حقوق الإنسان، من مساواة وحق التعبير وحرية التدين وتوفير العيش الكريم لكل أفراد المجتمع وما إلى ذلك من الحقوق المفقودة في العالم الثالثي بما فيه العالم الإسلامي والعربي. بالرغم إذن من هذه المكاسب التي تزيد من درجة صلف الغرب وكبريائه، فإن ثمة أموراً خفية يندى لها الجبين، ويتجمد لمجرد سماعها الدم في العروق، بل وتنهار قيمة وكبرياء هذا الأقنوم في أعين العقلاء. وهي في الحقيقة أمور لا يعلمها إلا من يعيش داخل هذا الغرب ويعايش تحولاته وتبدلاته الاجتماعية والثقافية والأخلاقية وما إلى ذلك. أما من يعاين هذا الغرب من الخارج فلا تبدو له إلا الأشياء الجميلة والخلابة التي تستهوي القلب وتأسر اللب؛ وحتى ولو أنك وصفت له الجانب السلبي والرهيب من هذا العالم فلا يصدق روايتك ولا يولي اهتماما لكلامك. وحتى ولو أنه يرى بأم العين ما تفعل أيدي الغرب في العراق وغير العراق، الذي تخبط فيه الجنود الأمريكية والمتأمركة خبط عشواء، لا تهمها حقوق الإنسان التي ُيتبجح بها في المحافل العالمية، وُتعد لها المؤتمرات تلو المؤتمرات بمال فقراء الجنوب وبنفط العرب والمسلمين الذين يرسلون أبناءهم قهرا وقسرا نحو هذا الغرب لينظفوا مراحيضه ودورات مياهه، حتى ينالوا لقمة العيش التي فقدوها في ديارهم.
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed