طباعة

حجاب المسلمة، وجهةُ نظرٍ طبنفسية

Posted in الثقافة

إن أول ما يتبادر إلى الذهن سيكونُ أن الحجاب المناسب لجسد فتاة بعينها، سيشكل حصن حماية لها بينما هي تتحرك في المجتمع خاصة في شكله الحديث الذي قد تضطر فيه إلى التزاحم والتسابق وربما الجري في الشارع!، لأنني أتكلم عن مسلمة لها دورها في الحياة ورأسها برأس الرجل، مادمنا خارج نطاق الأسرة، فهذا هو الإسلام كما أفهمه، وأنا مع القائلين بهذا الدور المهم الذي يقوم به الحجاب، ومن الأسئلة المهمة هنا: ما مدى احتياجُ الفتاة العربية المسلمة للتحكم في الرغبات والتغيرات التي تطرأ على جسدها أثناء البلوغ من خلال الأكل؟ فإذا كانت الفتاةُ الغربيةُ حسب أهم نظريات الإمراضية النفسية لاضطرابات الأكل، تجدُ نفسها في مواجهة تغيرات وتبعات الانتقال من الطفولة إلى المراهقة مُعَرَّضةً للانفلات، وخوفًا من انفلات رغباتها ورغبات جسدها من كل قيد فإنها تجدُ في لعبةِ التحكم في أكلها وبالتالي جسدها ما يحفظها من ذلك، وما يمثلُ القيد المفتقد للجسد وللجنس، فهل نفسُ هذا الموقف تتعرضُ له الفتاةُ العربية؟ وبصورةٍ أخرى أليسَ لدى الفتاة المسلمةِ ما يمكنُ أن يمثلَ القيد المطلوب للجسد؟.

رأت ميرفت عبد الناصر في كتابها الثقافةُ والوعيُّ بالوزن Culture & Weight Consciousness في ظاهرة الحجاب الجديدة ما يمثلُ إعلانًا للعصيان وللطاعة في نفس الوقت، عصيان المجتمع الذي يطلبُ من المرأة أن تجمعَ بينَ دورين متناقضين في نفس الوقت أحدهما هو دورُ المرأة العاملة التي تضطلعُ بكل مسئوليات الرجل فتكون المعلمةَ والطبيبةَ والمهندسة والقاضيةَ والوزيرة وعضو البرلمان، والدور الآخرُ هو أن تكونَ أماًّ وزوجةً مسئولةً عن رعاية الأطفال وعن رعاية الزوج أيضًا، فبينما يمثلُ ارتداءُ الحجاب طاعةً للشرع، فإنه يمثلُ اعتراضًا أو عصيانًا للمجتمع الذي يدعوها لأن تلبسَ وأن تعمل تقريبًا مثل الرجل، فالمجتمع يطلبُ منها أكثرَ بكثيرٍ مما يطلبُهُ من الرجل بينما هو لا يعطيها ما يعطيه للرجل! ورأي ميرفت عبد الناصر صائبٌ تمام الصواب!، مع إضافةِ أنهُ ليسَ عصيانًا للمجتمع بقدر ما هو عصيانٌ أو اعتراضٌ على (واحتماءٌ من) القيم الغربية التي يحاولُ ذلك المجتمعُ تمثلها واعيًا وغير واعٍ.

إلا أنني إنما أذكرُ ذلك هنا لكي أبينَ وظيفةً أخرى لارتداء الحجاب سواءً في سن البلوغ أو في المرأة العاملة، وهذا الرأي هو نتاجُ مناقشةٍ دارت بيني وبينَ زميلي الدكتور أحمد عبد الله فبينما نحنُ نناقشُ أسبابَ وصول معدلات اضطرابات الأكل بينَ المراهقات في الغرب إلى معدلات مخيفةٍ وكيفَ أن التسيبَ المتاح أمام الفتاة الغربية قد يجعلها تبحثُ عن القيد على جسدها الذي يمتلئُ فجأةً بالمثيرات، فتجدُ ذلك القيد في صراع التحكم الانفلات مع الجسد وذلك من خلال الانفلات تجاه الأكل مقابل الامتناع عن الأكل، وبينما رحنا نتخيل ما يمكنُ أن تسببهُ العولمةُ في أبنائنا، أشار أحمد إلى أحد الملصقات التي تدعو للحجاب -وقد لصقَ على جدران مباني الجامعة التي نعملُ فيها-، وقال لي:{إن البنتَ العربيةَ المسلمةَ عندها هذا ليمثلَ القيد المطلوب}، وكانَ محقًّا عندما قال:{أن الفتاة العربية تستطيعُ أن تمارسَ على المستوى النفسي ما تمارسهُ الفتاة الغربية في صراعها مع جسدها}، فهنا بالفعل يوجدُ الفرق لأن الفتاة العربية تستطيعُ أن تغطي جسدها وتستطيعُ أن تكشف ما تريدُ منه، وتستطيعُ أن تؤثرَ في محيطها كله بارتداء أو عدم ارتداء الحجاب، أو بالتنقل بينَ الحجاب بأشكاله المختلفة وبينَ النقاب، هيَ بالفعل قد لا تحتاجُ إلى أن تأكلَ ثم تستقيئ مثل الفتاة الغربية، وكانت الكلمات بالحرف الواحد "تَخَّن/خَسِّسْ أو كل/استفرغ، ويقابلها عندنا اكشف/غطِّ".

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed