طباعة

التعليم الإلكتروني مكملٌ لا بديل!

Posted in الثقافة

وقد تنبه الباحثون في مجال التعليم الإلكتروني، إلى أن مجرد توفير المادة العلمية على الشبكة، بالطريقة ذاتها التي تعرض بها في كتاب معروض، لا يعد فتحاً علمياً، ولا يؤدي إلى استغلال أمثل للطاقات الهائلة الكامنة التي تتيحها الشبكة. ولذلك أصبح التركيز على جعل هذا التعليم أكثر فائدة ومتعة في آن، وذلك عن طريق التعليم باستخدام الوسائط المتعددة مثل الصوت والصورة والحركة (ملفات الفلاش)، والتعليم التفاعلي (Interactive Learning). وهذا الأخير يؤدي إلى إشراك الطالبة في عملية التعلم، فهي تتعلم عن طريق المشاركة في حل المعضلة البرمجية أو الحسابية، ويستجيب البرنامج لردود أفعالها.

بل وتدور الأبحاث في الوقت الراهن حول التعليم المتكيف ( Adaptive Learning). وهو نوع من التعليم مصمم للتكيف مع قدرات الطالب الفرد ( مثل كونه مبتديء، متوسط، أو متقدم)، أو مجموعة بعينها من الطلاب، (مثل الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة)، أو استجابة للصفات المميزة للطالبة، أو للطريقة التي يرغب أن يتعلم بها الطالب. مثلاً هناك نوعية من الطلبة تستوعب أكثر عن طريق قراءة النصوص ورؤية الأمثلة، وآخرون يفضلون شرحاً مبنياً على الصور والصوت والعرض التفاعلي. ويتم ذلك عن طريق تجميع معلومات عن الطالب (بطرق مختلفة)، وحفظها في ملف خاص، ويتم عرض المادة العلمية وفقاً للمعلومات في هذا الملف الذي يجري تحديثه بشكل دوري. وهكذا يمكن أن يدرس المادة نفسها طالبان، لكن تقدم المعلومة لكل منهما بطريقة مختلفة. وهنا تبرز أهمية التعليم الإلكتروني، حين يقدم لنا شيئاً أفضل لا يستطيع التعليم التقليدي أن يجاريه، فالمعلم لا يستطيع أن يشرح الدرس بطريقتين مختلفتين كلياً في الوقت ذاته، بينما العكس صحيح بالنسبة لنظيره الإلكتروني. ولكن لا يزال هذا النوع من التعليم محدود الفائدة، بسبب الكلفة العالية لإنتاج محتوى بهذه الطريقة.

والآن هل التعليم الإلكتروني بديلٌ للتعليم التقليدي، وهل هو مناسبٌ للجميع؟ الجواب بالنسبة لي كباحثة في هذا المجال، هو لا، إذا كنا نتحدث عن تعليم إلكتروني بالمطلق (وليس كوسيلة مكملة لشرح الأستاذ)، وإذا كنا نتحدث عن طلبة المدارس والجامعات. فالتعليم ليس مجرد مادة علمية تسكب في عقول الطلبة، بل هي معايشة يومية، واحتكاك بالأتراب والمعلمين، وتكيفّ مع الجو التعليمي بشكل عام. وبالرغم من وجود تقنيات الدردشة، و المدونات، والمنتديات الإلكترونية، والتي يمكن أن تساهم بشكل جيد في عملية تبادل الخبرات والمعلومات، إلا أنها لا يمكن ان تكون بديلاً 100% عن الحضور لقاعات الدراسة. خاصة إذا كنا نتحدث عن التعليم الأساسي، ونسبة كبيرة من التعليم الجامعي لمرحلة البكالوريوس، بينما تبدو أكثر مناسبة لطلاب الدراسات العليا.

فالعامل الأهم في التعليم الذي لا يقوم على الحضور والانتظام في صف دراسي، هو أن نجاحه يعتمد بشكل أساسي على الدافع الذاتي للتعلم، والخاص بكل طالب على حده. فالطالب القادر على تنظيم وقته، والطالبة التي لديها رغبة داخلية هائلة للتعلم بأي ثمن، قد يجدان هذا النوع من التعليم الذي هو إلكتروني بالكامل مفيداً للغاية. وهذه غالباً صفات تتواجد في الطلبة الأكبر سناً، كطلبة الدراسات العليا، وكالمتدربين وهم على رأس العمل، وهذا الأخير يعرف بالتعليم المستمر مدى الحياة (Life Long Learning). بينما قد يصعب على طالب الثانوية العامة مثلاً أن يقاوم اللعب بالكرة، مقابل الجلوس وحيداً أمام الشاشة كل يوم ليفهم معضلة رياضية أو تجربة كيميائية لوحده ودون وجود معلم، ومبدأ ثواب وعقاب، ومشاركة زملائه من حوله. ويأتي السؤال من الجمهور، إذن هل نقدم على هذا النوع من التعليم أم لا؟ بالنسبة للطالب أو الطالبة، فقرار اللجوء لهذا النوع من التعليم بشكل كامل للحصول على درجة علمية وليس فقط دراسة دورات قصيرة، يجب أن يُبنى على عدم وجود بدائل أخرى تقليدية لدراسة هذا المنهج بعينه، أو للدراسة عموماً، ويفضل أن يكون لدى مقدم هذا النوع من التعليم، وجود فيزيائي على أرض الواقع، لأنه أكثر مصداقية.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed