طباعة

إن كيدكن "بينكن" عظيم!

Posted in الثقافة


وإذا غادرنا قليلاً بيئة الأسرة وخرجنا للعالم الأرحب، فسنجد أن المرأة قد تتحول إلى كابوس حقيقي حين تكون مسؤولة أو رئيسة امرأة أخرى في العمل، وكل امرأة جربت العمل في مكان نسائي ثم في مكان مختلط تعرف الفرق. فبدلاً أن تراعي زميلتها وتقدر ظروفها وضغوطاتها العائلية، نجدها تتفنن في الضغط عليها، ربما لتنفس عن إحباطاتها الشخصية. وينطبق الأمر نفسه على المعلمة وطالباتها أحياناً، فهي لا تراعي مثلاً قضية صعوبة المواصلات، أو ضعف موقف الفتاة في العائلة، فتعاقبها لأنها لم تحضر كراسة جديدة، أو لأنها تأخرت عن طابور الصباح، والطفلة تبكي خوفاً وغبناً، لأنه في أحيان كثيرة، حتى عندما تصل الفتاة إلى الجامعة، فإنها لا تملك من الأمر شيئاً. فحين تصر الدكتورة على البحث عن معلومات معينة في الإنترنت، وتأتيها طالبة خجلة لأن أهلها لا يسمحون لها باستخدام الإنترنت، والجامعة لا توفر غالباً معامل للاستخدام العام، فإن الأخيرة تعطيها نظرة كفيلة بأن يشيب لها الولدان، وتهز كتفها قائلة:"مو شغلي!".
وهناك ميل عجيب لدى بعض النساء لتعقيد المعاملات دون سبب وجيه، خذوا مثلاً في الجامعة، حين كنت أدرس هناك وأريد أن أحذف أو أضيف مادة، فإن إجراء ذلك من قسم الطالبات كان يعني معاناة وعذاباً وذلاً، وفي النهاية لا تنجز المهمة. في حين أننا حين كنا نحاول عمل الشيء ذاته عن طريق قسم البنين، كانت الأمور تنجز على ما يرام. والأمر ذاته يتكرر في البنوك النسائية وغيرها من الأماكن، ولذلك ليس غريباً أن يجد موظفو البنك في الفرع الرجالي امرأة تقتحم عليهم المكان لتحلف بالله أيماناً بأنها لن تتعامل مع الأقسام النسائية، شاء من شاء وأبى من أبى!
وعلى صعيد العمل التطوعي، والنشاطات الثقافية، بل وحتى الدينية، تبرز هذه المنافسة غير الشريفة بشكل يفقأ العين. وقد علمتني تجربتي الشخصية في بريطانيا، أنه كان عليَّ أن أحذر النساء ألف مرة قبل أن أحذر من الرجال.
وحين يعمل الرجال والنساء في بيئة واحدة، فإن المرأة تسعى على ما يبدو إلى تملق الرجل بالتآمر ضد زميلاتها، ولا نراها حريصة كرئيسة على تطور العاملات لديها، بل بالعكس كما يقول لي أحد الزملاء الذي يرأس أحد الأقسام في مؤسسة إعلامية، وقد أخذ يسألني عن السبب: لماذا تحارب المرأة المرأة؟
ولأجيب على هذا السؤال، سأستدعي آدم العائد من سباق المسافات الطويلة اليومي، ولأقول له أنت مسؤول يا سيد، ولكن هذا ليس مبرراً لكِ يا سيدة. أنت مسؤول لأنك جعلت المرأة دائماً في المقعد الخلفي، ودائماً في الصف الثاني، وجعلتها تعيش تافهة ومقموعة ومهمشة، وبالتالي فإنه مع أول فرصة تعطى لها لتكون هي في مركز القوة، فإنها ستسعى لأن تمارس العقد التي مورست عليها، ولديها أبداً إحساسٌ بالخوف وعدم الأمان النفسي، فهي ترى في كل امرأة منافسة لها في الوصول إلى هذه المكانة، التي ما وصلتها غالباً إلا بشق الأنفس، سواء على الصعيد العائلي أو المهني. وهكذا تكرر الدورة نفسها جيلاً وراء جيلاً بانتظام مدهش يذكرني بدورة الماء في الطبيعة.
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed